فرش:
لقد نقل علماء الحديث في حق الإمام المهدي رضي الله عنه من الأحاديث ما لا يحصى كثرة، وكلها معرضة بذكره ومصرحة، وأنه من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من ولد الحسن بن علي رضي الله عنهما، وأن نبي الله عيسى المسيح عليه السلام يخرج فيساعده على قتل الدجال، وأنه يؤم الأمة وعيسى عيسى المسيح عليه السلام خلفه، وأنه يشبه النبي صلى الله عليه وسلم في الخَّلق والخُلق، أكحل العينين، أشم الأنف، أجلى الجبهة، أفرق الثنايا، وجهه كالكوكب الدري، ليس بالطويل ولا القصير، يخرج ومعه قميص النبي صلى الله عليه وسلم وسيفه ورايته من مرط مخملة سوداء لم تنشر منذ توفي النبي صلى الله عليه وسلم مكتوب فيها: البيعة لله، ما في حكمه عيب ولا ظلم، وأنه يخرج ما بين الثلاثين والأربعين من عمره، وأنه يكسر الصليب ويقتل الخنزير، ويطفئ الله به نار الفتنة العمياء، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب، فلا يبقى في الأرض خراب إلا عُمِّر، ولا تدع الأرض شيئا من نباتها إلا أخرجته، ولا تدع السماء من قطرها شيئا إلا أنزلته، يخرج ومعه الحجة البينة القاطعة، والصدق، وأنه يفتح القدس والقسطنطينية وفارس والجزيرة العربية ورومية، وأنه صاحب وعد الآخرة، وأنه يسيء وجوه اليهود وينسفهم في اليم نسفا...
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ينزل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم، لم يسمع ببلاء أشد منه، حتى تضيق عليهم الأرض الرحبة، حتى تملأ الأرض جوراً وظلماً، لا يجد المؤمن ملجأ يلتجئ إليه من الظلم فيبعث الله عز وجل رجلاً من عترتي، فيملأ الأرض قسطاً، وعدلاً، كما ملئت جوراً وظلماً، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، لا تدخر الأرض من بذرها شيئاً إلا أخرجته، ولا السماء من قطرها شيئاً إلا صبه الله عليهم مدراراً، يعيش فيهم سبع سنين أو ثمان أو تسع يتمنى الأحياء الأموات مما صنع الله عز وجل بأهل الأرض من خيره". أخرجه الإمام الحافظ أبو عبد الله الحاكم في مستدركه على البخاري ومسلم رضي الله عنهما. وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: "تنعم أمتي في زمن المهدي نعمة لم يتنعموا مثلها قط، ترسل السماء عليهم مدراراً، ولا تدع الأرض شيئاً من نباتها إلا أخرجته " . رواه الحافظ أبو نعيم، في صفة المهدي. والحافظ أبو القاسم الطبراني، في معجمه.
وعن أمير المؤمنين علي ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المهدي منا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة واحدةi أخرجه جماعة من أئمة الحديث؛ منهم الإمام أحمد بن حنبل، والحافظ أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه والحديث صحيح ."يصلحه الله في ليلة" أي: يهيئه للخلافة ماديا وعلميا وجسديا وروحيا.
وجاء في كتاب عقد الدرر للإمام يوسف بن يحيي السلمي المقديسي: عن أبي عبد الله الحسين بن علي، رضي الله عنهما، أنه قال: «لو قام المهدي لأنكره الناس؛ لأنه يرجع إليهم شاباً موفقاً، وإن من أعظم البلية أن يخرج إليهم صاحبهم شاباً، وهم يحسبونه شيخاً كبيرا»ً.
من أين يظهر الإمام المهدي عليه السلام:
جاء في كتاب التذكرة للإمام القرطبي تحت عنوان: "باب منه في المهدي ومن أين يخرج وفي علامة خروجه وأنه يبايع مرتين ويقاتل السفياني ويقتله":" روي من حديث ابن مسعود و غيره من الصحابة أنه يخرج -المهدي- في آخر الزمان من المغرب الأقصى يمشي النصر بين يديه أربعين ميلا راياته بيض وصفر فيها رقوم فيها اسم الله الأعظم مكتوب : فلا تهزم له راية و قيام هذه الرايات وانبعاثها من ساحل البحر بموضع يقال له ماسنة من قبل المغرب فيعقد هذه الرايات مع قوم قد أخذ الله لهم ميثاق النصر والظفر ﴿أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون﴾ الحديث بطوله وفيه : [ فيأتي الناس من كل جانب و مكان فيبايعونه يومئذ بمكة و هو بين الركن و المقام و هو كاره لهذه المبايعة الثانية بعد البيعة الأولى التي بايعه الناس بالمغرب ثم إن المهدي يقول: أيها الناس اخرجوا إلى قتال عدو الله و عدوكم فيجيبونه ولا يعصون له أمرا فيخرج المهدي ومن معه من المسلمين من مكة إلى الشام لمحاربة عروة بن محمد السفياني وكل من معه من كلب ثم يتبدد جيشه ثم يوجد عروة السفياني على أعلى شجرة وعلى بحيرة طبرية و الخائب من خاب يومئذ من قتال كلب ولو بكلمة أو بتكبيرة أو بصيحة].
يفهم من كلام الإمام القرطبي أن للإمام المهدي الحسني u بيعتين الأولى بالمغرب قبل خروج السفياني والثانية بمكة.
وروى القرطبي كذلك في التذكرة بغير سند: [ستفتح بعدي جزيرة تسمى بالأندلس فتغلب عليهم أهل الكفر فيأخذون من أموالهم وأكثر بلدهم و يسبون نساءهم و أولادهم ويهتكون الأستار ويخربون الديار ويرجع أكثر البلاد فيافي وقفارا و تنجلي أكثر الناس عن ديارهم و أموالهم فيأخذون أكثر الجزيرة ولا يبقى إلا أقلها ويكون في المغرب الهرج والخوف ويستولي عليهم الجوع والغلاء وتكثر الفتنة ويأكل الناس بعضهم بعضا فعند ذلك يخرج رجل من المغرب الأقصى من أهل فاطمة بنت رسول الله r و هو المهدي القائم في آخر الزمان وهو أول أشراط الساعة].
قال الإمام القرطبي معلقا على الحديث:" كل ما وقع في حديث معاوية فقد شاهدنا بتلك البلاد وعاينا معظمه إلا خروج المهدي".
ونجد أحاديث أخرى صحيحة في صحيح الإمام مسلم تؤكد ما ذهب إليه الإمام القرطبي فعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: « لاَ يَزَالُ أَهْلُ الْغَرْبِ ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ »([1]). ويقصد بالغرب المغرب الأقصى.
وعَنْ نَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r فِي غَزْوَةٍ - قَالَ - فَأَتَى النبي r قَوْمٌ مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ عَلَيْهِمْ ثِيَابُ الصُّوفِ فَوَافَقُوهُ عِنْدَ أَكَمَةٍ فَإِنَّهُمْ لَقِيَامٌ وَرَسُولُ اللَّهِ r قَاعِدٌ - قَالَ - فَقَالَتْ لِي نَفْسِي ائْتِهِمْ فَقُمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ لاَ يَغْتَالُونَهُ - قَالَ - ثُمَّ قُلْتُ لَعَلَّهُ نَجِيٌّ مَعَهُمْ. فَأَتَيْتُهُمْ فَقُمْتُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ - قَالَ - فَحَفِظْتُ مِنْهُ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ أَعُدُّهُنَّ فِي يَدِي قَالَ « تَغْزُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللَّهُ ». قَالَ: فَقَالَ نَافِعٌ يَا جَابِرُ لاَ نَرَى الدَّجَّالَ يَخْرُجُ حَتَّى تُفْتَحَ الرُّومُ. ([2]).
وهذه الأمور الأربعة المذكورة في الحديث من فتح جزيرة العرب والروم وفارس والدجال جاء في أحاديث أخرى أن الذي يقوم بها هو الإمام المهدي رضي الله عنه، فهو الذي يفتح جزيرة العرب وفارس ورومية والدجال.. وهذا يؤكد أن للإمام المهدي u بيعتين الأولى بالمغرب الأقصى ويبدأ خلالها في إعداد جنده وتربيتهم والثانية بمكة المكرمة، فالبيعة الأولى بيعة صغرى على الجهاد لتحقيق الخلافة والثانية وهي الكبرى بمكة على الخلافة.
أما يروج له بعض الشيعة عن خروج الإمام المهدي من أصبهان فهذا خلط كبير لم يرد فيه حديثا واحدا عن سيدنا رسول صلى الله عليه وسلم، بل الذي يخرج من أصبهان هو الدجال كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ":يخرج الدجال من يهودية أصبهان معه سبعون ألفا من اليهود عليهم التيجان".
وفي عدة روايات صريحة "أنه يخرج الدجال من أصبهان أو من قبل أصبهان" .
تنبيه: المتفق عليه أن الإمام المهدي u يخرج ومعه دليل صدقه وبرهان دعوته، وأنه يشبه النبي صلى الله عليه وسلم في خُلقه وخَلقه.
Tiada ulasan:
Catat Ulasan