وصف الوهابية السادة التجانية رضوان الله عليهم بالكفر لأنهم قالوا بأن صلاة الفاتح تعدل ستة آلاف ختمة من القرآن الكريم، وبهذا يكونوا قد كفروا مئات الملايين من المسلمين الصلحاء في مختلف بلاد العالم بل أطلقوا لفظ الكفر على كل من أقرنا على هذا وقبل به . الجواب: نحن معشر التجانية نقول بأن صلاة الفاتح ليست بأفضل من القرآن الكريم , بل ليست بأفضل من حرف واحد في كتاب الله ولم يقول بهذا أحد من التجانية مطلقاً. وكلام الشيخ التجاني في أفضلية القرآن الكريم على سائر الكلام معروفة في كتبه وسنكتبه إليكم إنشاء الله في الموضوع. ولكن لفظ الأفضلية هذا لم يذكره الشيخ التجاني ولا أي أحد من مشايخ التجانية . فمن أين أتى به الوهابية ؟. وكل الذي قاله التجانية بأنها تعدل ثواب ستة آلاف ختمة , وليس بأفضل ,وهناك فرق كبير بين الثواب والأفضلية.فكون صلاة الفاتح تعدل هذا الثواب بهذا الحد لا يعني أفضليتها على القرآن الكريم . فالمزية لا تقتضي الأفضلية وهذه مزية لهذه الصلاة ولا علاقة لها بالأفضلية وهذا شيء معروف ومسلم به عند العلماء.ولكن نجد الكثير من الناس يخلط بين المزية والأفضلية ولا يميز بينهما , كما نجد بعض الجهلة المنكرين ينكرون على بعض فضائل أذكار أهل الطرق متعللين بأن هذا الذكر بهذا الثواب يكون أفضل من الأذكار التي وردت في السنة فقصدنا تبيين ذلك قبل الشروع في التفصيل. المزية لا تقتضي الأفضلية: فعند أهل العلم من الفقهاء والمحدثين (أن المزية لا تقتضي الأفضلية ). فهنالك مزية شخص على شخص ومزية مكان على مكان وكذلك مزية زمان على زمان ومزية بعض الأعمال على بعضها.
أولا : مزية شخص على شخص: من المعلوم حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما سلك عمر فجاً إلا وسلك الشيطان فجاً غيره).ومن المعلوم أن هذه المزية لم تكن عند أبوبكر الصديق , فهل يعقل أن يقال أن عمر أفضل من أبوبكر الجواب لا لأنها مزية لعمر وليس لأبي بكر. بل إن الشيطان كان يعترض النبي صلى الله عليه وسلم وكان يثاوره في صلاته . بل تعرض الشيطان إلى خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام ولابنه إسماعيل حتى رماه ثلاثاً ومع ذلك لم يقل أحد من العلماء أن سيدنا عمر أفضل من النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأنبياء. كما أن قصة سيدنا الخضر في القرآن معروفة فكان لسيدنا الخضر من العلوم ما لم يكن لسيدنا موسى عليه السلام بل طلب منه التعليم . ومع ذلك لم يقل أحداً أن الخضر أفضل من سيدنا موسى عليه السلام. بل أنها مزية لسيدنا الخضر ليس إلا. وكذلك نجد أن الملائكة كانت تستحي من سيدنا عثمان رضي الله عنه ولم تستحي من سيدنا أبوبكر وسيدنا عمر رضي الله عنهما كما جاء بذلك الحديث الشريف ,فأيهما أفضل سيدنا عثمان أم سيدنا أبوبكر وسيدنا عمر ؟.أخيرا لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المعروف :( ألا أحدثكم عن أقوام ليسوا بأنبياء ولا شهداء ، يغبطهم يوم القيامـة الأنبياء والشهداء يجلسهم الله على منابر من نور... ) .إلى آخر الحديث . مع أنه لا أحد أفضل من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام , فليعلم الجميع أن المزية لا تقتضي الأفضلية.
ثانياً : مزية بعض الأماكن على غيرها : وكذلك قد تكون المزية في بعض الأماكن دون غيرها.فمن المعروف أن أول بيت لله وضع في الأرض هو الكعبة الشريفة ومسجدها أفضل المساجد وحرمها أعظم بقاع الأرض حرمه ، وهي قبلة المصلين ولا تصح الصلاة إلا بها عملاً ، ولا تصح أي عبادة بغير الإقرار بذلك عقيدة ، ومع ذلك لا يتم الحج ولا يكون إلا بالوقوف على عرفة ، ومن بقي عند الكعبة في ذلك اليوم وقال إن الكعبة أفضل من عرفات وجلس هناك فقد فاته الحج بإجماع الأمة وصريح السنة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (الحج عرفة).ولم يقل أحد من المسلمين السابقين منهم أو المتأخرين بأن عرفة أفضل من الكعبة .
ثالثاً : مزية بعض الأعمال على غيرها: ففي أداء بعض الأعمال والعبادات , فإن التسبيح مثلاً في الركوع عند الصلاة والسجود له مزية العمل به على قراءة القرآن , ولم يقل أحد أن ذلك يعني أفضليته على الآيات القرآنية. ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء). ومع ذلك نهانا صلى الله عليه وسلم عن القراءة في الركوع والسجود , وقال بعض العلماء إذا قرأ فيهما بفاتحة الكتاب بطلت صلاته , مع العلم بأن فاتحة الكتاب اشتملت على الدعاء . إذا عرفت هذا عرفت أين المزية. وكما هو معلوم بأن الصلاة أفضل ركن في الدين الإسلامي فإن تحية أي مسجد لله أن يصلى فيه ركعتين . ومن المعروف أيضا أن أفضل بيوت الله هو المسجد الحرام , ومع ذلك فتحيته هي الطواف ولا تجزي الصلاة قبل الطواف. فهل معنى ذلك أن الطواف له الأفضلية على الصلاة التي هي الركن الثاني والأهم من أركان الدين الإسلامي ؟ بل العاقل ليقول بأن الطواف له مزية العمل به في المسجد الحرام دون الصلاة وما هو بأفضل منها . إذا علمت هذا أخي الكريم علمت أن صلاة الفاتح وإن كانت لها مزية في شيء فهي ليست بأفضل منه على الطلاق. فقد قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه في الحديث المشهور:( إني في شوق لأحبابي : قالوا أولسنا أحبابك ؟ قال بل أنتم أصحابي ولكن أحبابي قوم يأتون في آخر الزمان يزن عمل أحدهم بخمسين , قالوا منا يا رسول الله أم منهم ؟ قال بل منكم). فهل هؤلاء القوم الذين يأتون في آخر الزمان أفضل من الصحابة ؟بالرغم من أن أعمالهم أكثر بخمسين مرة من أعمال الصحابة ؟ ولكن فضل الصحابة على سائر الأولياء ثابت ومعروف ولا يدانيه أحد قط.
رابعا: هنالك الكثير من الأعمال في السنة النبوية بسيطة القدر والجهد عظيمة في أجرها وثوابها بل قد استغرق ثوابها أفضل العبادات في الدين الإسلامي كالجهاد والصيام والحج وغيرها من الأعمال ذوات المشقة والصعوبة , وهذه هي أمثلتنا من السنة النبوية المشرقة :
1 ـ حديث أم هانئ رضي الله عنها حينما سألت الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدلها على عمل بسيط يكون به أجر كبير لأنها اشتكت كبر السن فقال لها: ( كبري الله مائة مرة و أحمدي الله مائة مرة وسبحي الله مائة مرة خير من مائة فرس ملجم مسرج في سبيل الله وخير من مائة بدنه وخير من مائة رقبة ) أخرجه ابن ماجة عن أم هانئ رضي الله عنها. ورمز الحافظ السيوطي ورواه الحاكم النيسابوري عن زكرياء بن منظور وصححه . فأنظر أخي المسلم لقوله صلى الله عليه وسلم (خير من مائة فرس ) لم يقل بثواب بل قال أفضل من ثواب مئة فرس مجهزة يحمل عليها في سبيل الله , أي ثواب مائة غازي في سبيل الله لقوله صلى الله عليه وسلم:( من جهز غازياً في سبيل الله فقد غزا ومن خلف غازيا في أهله بخير فقد غزا ) .متفق عليه . ولا شك أن أفضل الأعمال الجهاد في سبيل الله .أليس هذا ثواب في الآخرة أيها الوهابية ؟ أليست بهذه الكلمات البسيطة قد حصلت على ثواب أكثر من مائة مجاهد في سبيل الله وهي في مكانها ؟.
2 ـ وفي رواية أخرى: (سبحي الله مائة تسبيحه فإنها تعدل لك مائة رقبة من ولد إسماعيل و أحمدي الله مائة مرة تحميده فإنها تعدل لك مائة فرس مسرجة ملجمة تحملين عليها في سبيل الله وكبري الله مائة تكبيرة فإنها تعدل مائة بدنه مقلدة متقبلة وهلّلي الله مائة تهليله فإنها تملأ مابين السماء والأرض ولا يرفع يومئذ لأحد عمل أفضل منها إلا أن يأتي بمثل ما أتيت ). أخرجه الإمام أحمد في مسنده . والطبري في الكبير , والحاكم في المستدرك , عن أم هانئ أخت علي رضي الله عنهما .قال الحافظ الهيتمي أسانيده حسنة . أليس هذا ثواب يا جاهل؟ ألم يقل لها صلى الله عليه وسلم فإنها تملأ مابين السماء والأرض ؟ فيا ترى ما هو الفرق بين السماء والأرض حتى يملأه هذا الثواب العظيم ؟ ألم يقل لها صلى الله عليه وسلم لا يرفع يومئذ لأحد عمل أفضل منها ؟ حتى لو شخص جاهد في سيبل الله أو قرأ القرآن الكريم أو صلى وصام ؟ سبحان الله رب العالمين.!
3 ـ أخرج الترمذي عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(من سبح الله مائة بالغداة ومائة بالعشي كان كمن حج مائة حجة ومن حمد الله مائة بالغداة ومائة بالعشي كان كمن حمل مائة فرس في سبيل الله أو قال غزا مائة غزوة ومن هلّل الله مائة بالغداة ومائة بالعشي كان كمن اعتق مائة رقبة من ولد إسماعيل ومن كبر الله مائة بالغداة ومائة بالعشي لم يأتي أحد أكثر من مما أتى به إلا من قال مثل ما قال أو زاد على ما قال ) .قال الترمذي حديث حسن . وأخرجه النسائي . فلننظر في قوله صلى الله عليه وسلم: (( كان كمن )).أي كان له من الثواب كمن غزا مائة غزوة , فمن يطيق و يتسع له العمر وتحمله القدرة على حج مائة حجة ومائة غزوة ؟ فكيف به كل يوم ؟ ولفرضنا أنه عاش عشر سنوات أيستطيع أحد معرفة ذلك ؟ فكيف لو ذكر ذلك في اليوم ألف مرة فقط ؟ فثوابه في اليوم الواحد مائة ألف حجة ومائة ألف غزوة في سبيل الله ومائة ألف رقبة ولتضرب ذلك في الشهر ويكون الناتج ثلاثة ملايين حجة في الشهر وثلاثة ملايين غزوة في سبيل الله وثلاثة ملايين رقبة معتوقة لوجه الله في الشهر. ويا ترى ما هو ثواب الحجة حتى نضربه في ثلاثة ملايين ؟ وما هو ثواب عتق الرقبة حتى نضربه في ثلاثة ملايين هذا شيء لا يمكن للعقول أن تحسبه ولو الكترونيًا ! هذا في الشهر الواحد فكيف لو تلاه سنة ؟.بل لو تلاه دائما ؟ وهذا الذي ذكرته لكم من الثواب هو في المرتبة الدنيا لهذا الذكر , أي هو الثواب الأدنى الذي يناله أي مسلم ذكر هذا الذكر ثم يضاعف له عشر مرات لقوله صلى الله عليه وسلم: (من أتى بالحسنة فله عشر أمثالها). فكيف لو كان التالي من أهل التضعيف ؟ ومنهم من يضاعف له بالعشرات ومنهم من يضاعف له بالمئات ومنهم من يضاعف له بالملايين ومنهم من يضاعف له بما لا يعلم به إلا الله , قال تعالى:( والله يرزق من يشاء بغير حساب) وقال: ( والله يضاعف لمن يشاء) . فبالله عليك أيهما أكثر هذا الثواب الذي ذكرناه أم ثواب صلاة الفاتح ؟ فهل معنى ذلك بأن هذا العمل أفضل من الجهاد والحج والعتق ؟ أم هو خاص بالثواب فقط ؟ وهل معناه أن يسقط الحج عمن هو مستطيع له ولو ذكر له هذا الذكر وإن طال عمره ؟؟! وهل معناه أنه يسقط الجهاد عمن وجب في حقه ؟ لا يقول بهذا إلا مجنون في عقله . فخلاصة الأمر أن هذا الأجر مزية لهذا الذكر على غيره من الأعمال . ولا يلزم بذلك أن يكون أفضلها , أو أن يغني عن فعلها . فكيف يستعجب البعض من الناس لأن الشيخ التجاني رضي الله عنه قال بأن صلاة الفاتح المرة الواحدة منها بستة ألاف ختمة من القرآن ؟؟! وهل يصح بعد هذا التبيان الشافي أن تقول أن التجانية جعلوا صلاة الفاتح أفضل من القرآن ؟والشيخ التجاني رضي الله عنه في نفس الكتاب الذي ذكر فيه قوله عن ثوابها تكلم عن أفضلية القرآن على سائر الأذكار.قائلا: " أما تفضيل القرآن على جميع الكلام من الأذكار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الكلام فأمره أوضح من الشمس كما هو في استقراءات الشرع وأصوله , شهدت به الآثار الصحيحة, وتفضيله من حيثيتين :
الحيثية الأولى:كونه كلام الذات المقدسة المتصفة بالعظمة والجلال فهو من هذه المرتبة لا يوازيه كلام.
الحيثية الثانية:
مادلّ عليه من العلوم والمعارف ومحاسن الآداب وطرق الهدى ومكارم الأخلاق والأحكام الإلهية والأوصاف العلية التي لا يتصف بها إلا الربانيون , فهو في هذه المرتبة أيضاً لا يوازيه كلام في الدلالة على هذه الأمور".اهـ من لفظه رضي الله عنه. بل وقد حث الشيخ التجاني رضي الله عنه مريديه على تلاوة القران قائلا :" إن أقل ما يجزئ المريد في طريقتنا أن يقرأ في كل يوم حزبين من القرآن ".اهـ "أي جزء كاملاً " . ألا فليخسأ المبطلون .
ولكي أزيد القارئ علما أخبره بأن بعض العلماء فحسبوا عدد حروف المصحف الشريف فوجدوها 162,671 مائة واثنين وستين ألفا وستمائة وواحد وسبعين حرفاً. ومن المعروف أن التالي للحرف القرآني له عشر حسنات , فالثواب الأدنى لتالي القرآن في الختمة الواحدة يساوي 1,626,710 واحد مليون وستمائة وست وعشرون ألفا وسبعمائة وعشرون حسنة . حاصل الأمر أقل من مليونين حسنة . فهل الذكر السابق أعلى ثواباً أم قراءة القرآن الكريم ؟! وثواب صلاة الفاتح ستة آلاف حسنة مضروبة في أقل من مليونين . فهل ثواب صلاة الفاتح هنا أعلى أم ثواب الذكر السابق ؟ بالطبع الذكر السابق أعلى ثواباً لأنه ملايين مضروبة في ثواب هو نفسه ملايين . بل لا يعلم علمه إلا الله . فما ثواب الحجة حتى نضربه في المائة ؟؟! علماً بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن ثواب الحج: ( الحج المبرور ليس له ثوابا ً إلا الجنة ). وفي حديث آخر قال:( من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله بكل عضو منه عضواً منه من النار حتى فرجه بفرجه) . متفق عليهما. فكيف بمن له ثواب ثلاثة ملايين حجة في الشهر الواحد ومن أعتق ثلاثة ملايين رقبة في الشهر؟!. إذا تفهمت هذه علمت بأنه ليس هناك تفضيل على القرآن إنما هي مزية لها وهل هي مزية لصلاة الفاتح وحدها ؟! أقول لا.
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جملة لها مزية الثواب على بقية الأعمال وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (خرج من عندي جبريل آنفا وأخبرني عن ربي جل جلاله فقال: ما على الأرض من مسلم صلى عليك مرة إلا صليت أنا وملائكتي عليه عشراً).أو كما قال .فكم يا ترى عدد الملائكة حتى تضرب في عشرة ؟!! , وقد قال تبارك وتعالى: (وما يعلم جنود ربك إلا هو). وذلك لكثرتهم.والقرآن حروفه موجودة بين أيدينا وأمر محدود ومعلوم لدينا مضروباً في عشر حسنات يكون الناتج هو ثواب الختمة الواحدة من القرآن الكريم . ثم انظر أخي الكريم إلى قوله:( صلى عليك مرة واحدة) .وتخيل مقدار العشرة إذا ضربت في عدد لا يعلمه إلا الله . ولا تستطيع العقول البشرية الإحاطة به وهذا الناتج الحاصل هو جزء من ثواب الصلاة الواحدة صلاة المولى عز وجل عليه عشر مرات ولا شك أن العاقل لو خير بين ثواب جميع الأعمال وصلاة المولى عز وجل عليه مرة واحدة لما اختار غير صلاة المولى عز وجل عليه وهذا كله يحصل للمصلي على الرسول صلى الله عليه وسلم بأي صيغة كانت إذا صلى مرة واحدة . فكيف لو صلى ألف مرة أو عشرة آلاف مرة في اليوم ؟ وكيف به لو كان من أهل التضعيف ؟ وكيف لو استمر على هذا العمر كله ؟ كذلك قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في سورة الإخلاص: ( أنها تعدل ثلث القرآن ) هذا الحديث متفق عليه .أي أن لتاليها ثواب من قرأ ثلث القرآن , وثلثه عشر أجزاء , والماهر في قراءة القرآن يقرأ الجزء في حوالي ثلث ساعة , وتالي سورة الإخلاص يحتاج من الزمن لبعض ثوان لقراءتها , فهل يحق لنا أن نعارض حكم الله و مشيئته في ذلك ؟ وهو القائل:( لا يسأل عما يفعل).
أي إذا قمت بقراءة الإخلاص تسعة مرات فإن الله يعطيني ثواب من ختم القرآن كله ثلاث مرات . فهذه رحمة منه تعالى علينا فهل يستطيع أحد أن يعترض على الله ويقول له كيف تعطي ثواب من ختم القرآن ثلاثة مرات في تسعين يوماً إلى من قرأ الإخلاص في ثلاثة دقائق في هذه المدة البسيطة ؟. إذا علمت هذا أيها الجاهل علمت أن الفضل بيد الله يعطيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم , وأنه يرزق من يشاء بغير حساب وبغير عدد . فهذا الذي ذكر من فضل صلاة الفاتح قليل بالنسبة إلى رحمة الله تعالى ولا يساوي شيء . وهذه رحمة منه وتفضل على عباده فالمفترض أن يفرح الوهابية بذلك كل الفرح والسرور بدلاً من الإنكار والحسد قال تعالى: ( قل فبفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون). خلاصة: ذكر الشيخ أحمد التجاني فضل صلاة الفاتح بأنه بعض الملايين من الحسنات وهي من الفضل الإلهي على عباده ولا ينكر ذلك إلا مكابر جاهل حاسد . فنعوذ بالله من شر حاسد إذا حسد . فلا يخلوا حال المنكر من خمسة أحوال:
1ـ إما أن يقول أن هذا الثواب لا يستطيع الله أن يعطيه للعبد وهذا كفر صريح لأنه شك في قدرة القادر.
2 ـ وإما أن يقول ما كان الله أن يفعل ذلك ويعطي كل هذا الثواب لهذا العبد وهذا كفر صريح لأنه اعترض على أفعال الخالق قال تعالى: ( لا يسأل عما يفعل ) .
3 ـ وإما بأن يقول أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا تستاهل كل هذا الفضل. فيكون بذلك قد هون ما عظم الله . وفيه اعتراض على الله أيضا
4 ـ وإما بأن يقول أن هذا العبد لا يستاهل ولا يستحق هذا الثواب الكثير فيكون بذلك قد وضع نفسه في موضع الرب الذي يقرر من الذي يستحق ومن الذي لا يستحق الثواب.
5 ـ وإما أن ينفي هذا الأجر ويقول إن الله لا يعطي هذا الأجر لمن تلى صلاة الفاتح فيكون قد افترى على الله الكذب وصار يتكلم بلسان الله. ونطالبه بالدليل على قوله ذلك. فيا ترى أين يقف الوهابية من هذه الأحوال الخمسة ؟ نعوذ بالله من كل هذه الكفريات ومن التدخل والاجتراء في شؤون الخالق وسوء الأدب معه ومن الاعتراض على أحكامه أو نهون ما عظمه سبحانه. ونسأل الله حسن الأدب والسلوك وحسن الظن بالله والمسلمين .( منقول )